قال الإمام مسلم في صحيحه
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قالحَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ح و قال حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قال حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قالحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ
باب ما فى الدنيا من أنهار الجنة/ كتا ب الجنة وصفة ونعيمها وأهلها/ صحيح مسلم/ رقم5073
شرح الحديث
من
صحيح مسلم بشرح النووي
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( سَيْحَان وَجَيْحَان وَالْفُرَات وَالنِّيل كُلّ مِنْ أَنْهَار الْجَنَّة )
اِعْلَمْ أَنَّ سَيْحَان وَجَيْحَان غَيْر سَيْحُون وَجَيْحُون
فَأَمَّا سَيْحَان وَجَيْحَان الْمَذْكُورَانِ فِي هَذَا الْحَدِيث اللَّذَانِ هُمَا مِنْ أَنْهَار الْجَنَّة
فِي بِلَاد الْأَرْمَن
فَجَيْحَان نَهَر الْمُصَيِّصَة , وَسَيْحَان نَهَر إِذْنَة
وَهُمَا نَهْرَان عَظِيمَانِ جِدًّا أَكْبَرهمَا جَيْحَان
فَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي مَوْضِعهمَا
وَأَمَّا قَوْل الْجَوْهَرِيّ فِي صِحَاحه
جَيْحَان نَهْر الشَّام
فَغَلَط أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَجَاز مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ بِبِلَادِ الْأَرْمَن , وَهِيَ مُجَاوِرَة لِلشَّامِ
قَالَ الْحَازِمِيّ :
سَيْحَان نَهْر عِنْد الْمُصَيِّصَة
قَالَ : وَهُوَ غَيْر سَيْحُون
وَقَالَ صَاحِب نِهَايَة الْغَرِيب :
سَيْحَان وَجَيْحَان نَهْرَان بِالْعَوَاصِمِ عِنْد الْمُصَيِّصَة وَطُرْسُوس
وَاتَّفَقُوا كُلّهمْ عَلَى
أَنَّ جَيْحُون بِالْوَاوِ نَهْر وَرَاء خُرَاسَان عِنْد بَلْخ
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ غَيْر جَيْحَان
وَكَذَلِكَ سَيْحُون غَيْر سَيْحَان
وَأَمَّا قَوْل الْقَاضِي عِيَاض :
هَذِهِ الْأَنْهَار الْأَرْبَعَة أَكْبَر أَنْهَار بِلَاد الْإِسْلَام
فَالنِّيل بِمِصْرَ
وَالْفُرَات : بِالْعِرَاقِ , وَسَيْحَان وَجَيْحَان
وَيُقَال : سَيْحُون وَجَيْحُون بِبِلَادِ خُرَاسَان
فَفِي كَلَامه إِنْكَار مِنْ أَوْجُه أَحَدهَا :
قَوْله : الْفُرَات : بِالْعِرَاقِ
وَلَيْسَ بِالْعِرَاقِ بَلْ هُوَ فَاصِل بَيْن الشَّام وَالْجَزِيرَة
وَالثَّانِي : قَوْله سَيْحَان وَجَيْحَان
وَيُقَال :
سَيْحُون وَجَيْحُون فَجَعَلَ الْأَسْمَاء مُتَرَادِفَة
وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ سَيْحَان غَيْر سَيْحُون
وَجَيْحَان غَيْر جَيْحُون
بِاتِّفَاقِ النَّاس كَمَا سَبَقَ
وَالثَّالِث : أَنَّهُ بِبِلَادِ خُرَاسَان
وَأَمَّا سَيْحَان وَجَيْحَان بِبِلَادِ الْأَرْمَن بِقُرْبِ الشَّام . وَاَللَّه أَعْلَم
وَأَمَّا كَوْن هَذِهِ الْأَنْهَار مِنْ مَاء الْجَنَّة
فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ
ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي عِيَاض :
أَحَدهمَا : أَنَّ الْإِيمَان عَمَّ بِلَادهَا
أَوْ الْأَجْسَام الْمُتَغَذِّيَة بِمَائِهَا صَائِرَة إِلَى الْجَنَّة
وَالثَّانِي : وَهُوَ الْأَصَحّ أَنَّهَا عَلَى ظَاهِرهَا
وَأَنَّ لَهَا مَادَّة مِنْ الْجَنَّة
وَالْجَنَّة مَخْلُوقَة مَوْجُودَة الْيَوْم
عِنْد أَهْل السُّنَّة
وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِم فِي كِتَاب الْإِيمَان
فِي حَدِيث الْإِسْرَاء أَنَّ الْفُرَات وَالنِّيل يَخْرُجَانِ مِنْ الْجَنَّة
وَفِي الْبُخَارِيّ
( مِنْ أَصْل سِدْرَة الْمُنْتَهَى )