"معجم ألفاظ الحياة العامة في الأردن"
بعد جهد استمر عدة سنوات، صدر عن مجمع اللغة العربية الأردني " معجم ألفاظ الحياة العامة في الأردن" الذي يشكل نواة وقاعدة يبنى عليها المعجم العربي الموحد لألفاظ الحياة العامة. وقامت " مكتبة لبنان ناشرون " بطباعته وتوزيعه.
وقد جاء هذا المعجم ليسد نقصاً في المعاجم العربية، فالمعجميون التراثيون في معجماتهم الرائدة منذ معجم العين للخليل بن أحمد ( المتوفى سنة 170 هـ )، مروراً بمعجم لسان العرب لابن منظور (المتوفى سنة 710) ، اتجهوا إلى العزوف عن إدراج ألفاظ الحياة العامة، لما تفرضه ظروف العيش من تغيرات وتطورات حضارية.
واقتصرت المعجمات التراثية على مفردات العربية عند فصحاء الأعراب، وعند من يوثق في فصاحتهم من القرن الرابع الهجري، مع توشيحها، على حد تعبير كثير من المصنفين، بجليل الأخبار، وجميل الآثار، مضافاً إلى ما فيها من آيات الذكر الحكيم. فيكون الاستشهاد بالآيات والأخبار والآثار والأمثال والأشعار. ومن الواضح أن هؤلاء المعجميين قصدوا حفظ أصول اللغة العربية، لغة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، إذ عليها مدار أحكام الكتاب العزيز والسنة النبوية. ولم يكن من أهدافهم تسجيل ألفاظ الحياة العامة في الحواضر والأرياف والبادية. وإذا وجدت في المعجمات القديمة مفردات في هذا المجال فهي قاصرة عن الشمول والاستقصاء، وقد تأتي، على قلتها، غامضة وغير دقيقة التعريف، ولا سيما عندما تتناول النبات والحيوان والأشياء المادية. وإن عدم تدوين المعجمات لمفردات الحياة العامة، لم يمنع استعمالها في كتب الأدوية والصيدلة والطب وكتب الرحلات وكتب الأدب، كما نجد في بخلاء الجاحظ وكتب الحسبة والفقه.. والنوازل.. إلخ.
فاختلاط الشعوب واللغات المختلفة وانصهارها في بوتقة الحضارة الإسلامية، قد أوجد ألفاظاً مختلفة لمدلولات الحياة العامة، فيما نطلق عليه أدب الحواس، في مختلف الأقطار والبيئات. ونحن ننبه، منذ البداية، إلى أن حديثنا عن ألفاظ الحياة العامة في الحواضر والأرياف والبادية، لا يعني الحديث عن العاميات الدارجة أو اللهجات المختلفة، وإنما يعني كل ما يتعلق بأدب الحواس، من مطعومات ومشمومات وملموسات ومسموعات ومبصرات.. إلخ من ألفاظ حية ومستعملة، وهذا يترجم لنا الحاجة الماسة إلى وضع معجم عربي موحد، يضم بين دفتيه ألفاظ الحياة العامة التي يستعملها المواطن العربي في حياته اليومية، في مختلف أقطاره، وفي جميع بيئاته البدوية والريفية والحضرية بشرائحها الاجتماعية والثقافية، وبين أصحاب مختلف المهن والحرف والأعمال.
إن لغة الحياة العامة في جميع الأقطار والبيئات العربية، على الامتداد الجغرافي، وبالعمق التاريخي، هي لغة حية ونامية ومتميزة ومستمرة استمرار الحياة ذاتها، وهي في الوقت نفسه، سريعة التأثر بالأحداث والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وربما كان لتمازج مفهوم " ألفاظ الحضارة" و " ألفاظ الحياة العامة"، باللغة المحكية في كل قطر عربي، وبالتالي باللهجات المختلفة ، تأثير كبير في الإحجام حتى الوقت الحاضر، عن وضع " المعجم الموحد لألفاظ الحياة العامة".
إن ما تقتضيه أماني الأمة العربية في نهضتها العلمية ووحدتها، وضع معجم شامل وموحد لألفاظ الحياة العامة، ينشر على أوسع نطاق، لكي يمكن الدارسين والباحثين، والأدباء والكتاب والروائيين وكتاب القصة، وواضعي الكتب المدرسية، من التعبير عن أفكارهم بدقة ووضوح وسهولة، ويعينهم على استعمال هذه الألفاظ الموحدة، بمدلولاتها المحددة الموجهة للأدباء والمتعلمين والدارسين والقراء من أبناء قطرهم ، وأن يكون "المعجم الموحد لألفاظ الحياة العامة " سائراً بين جماهير الأمة، سائغ الاستعمال في جميع المؤسسات العلمية والتربوية، وفي الصحافة والإعلام المقروء والمرئي والمسموع، وعند أصحاب المهن وغيرهم من شرائح المجتمع في مختلف البيئات العربية.
وقد رأينا، منذ البداية، أن هذا المشروع لا يعنى بالتعابير والتراكيب العامية ولا باللهجات المحلية، وإنما يقتصر على وضع معجم لألفاظ الأشياء والأدوات والأجهزة المحسوسة، من حيث المبدأ، وهي التي يستعملها عامة الناس وخاصتهم في حياتهم العملية واليومية في الوقت الحاضر في مختلف مناحي الحياة، في البيت والشارع والمهن والمؤسسات..، وتفصيح ما يمكن تفصيحه، ولا سيما الألفاظ الدارجة التي تعود إلى أصول لغوية فصيحة.
وبعد سنوات من المبادرات الشخصية والمحاولات المحدودة في مجمع اللغة العربية بالقاهرة وفي دمشق وبغداد، وعمان ، طرح موضوع " المعجم الموحَّد لألفاظ الحياة العامة" على مجلس اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية في جلسته المنعقدة في 30/3/1997م، فوجد الترحاب من جميع أعضاء المجلس. واتخذ مجلس الاتحاد القرار رقم (6) الآتي نصه: "نكلف المجامع ، أن يهيئ كل منها مشروع معجم لألفاظ الحضارة المتداولة في بلده، مع تعريف واضح لكل لفظ، وأن يعنى بضبط الألفاظ، مع ترتيبها ترتيباً هجائياً، ويقدم مشروع المعجم إلى إدارة الاتحاد في القاهرة".
وقد اتفق أن تكون التسمية "المعجم العربي الموحد لألفاظ الحياة العامة" كي يصبح أكثر شمولاً، وأن يكون على مستوى الوطن العربي. فتقرر، أن يقوم كل مجمع عضو في الاتحاد، بوضع مشروع معجم لألفاظ الحياة العامة في قطره، على أن يرسل هذا المشروع إلى مركز الاتحاد بالقاهرة، حيث يخزَّن في الحاسوب. فتأتي هذه المشاريع من مصر والعراق وسورية والأردن والسودان والمغرب وليبيا، على أن تستكمل فيما بعد المشاريع من بقية الأقطار العربية، التي لمَّا ينشأ فيها مجامع للغة العربية . وتبدأ المرحلة الأولى، على وفق خطة الاتحاد، بوضع "المشاريع" وتخزينها في الحاسوب في مركز الاتحاد، يعقبها تشكيل لجان على مستوى الوطن العربي من العلماء واللغويين، لدراسة هذه المشاريع وتمحيصها وتبويبها والخلاص إلى وضع "المعجم العربي الموحَّد لألفاظ الحياة العامة"، وأن يكتفى بوضع لفظة واحدة أو لفظتين ، للمدلول الواحد، وفق مبادئ وقواعد يتفق عليها، وأن ينشر هذا المعجم العربي الموحَّد لألفاظ الحياة العامة، على نطاق واسع وشامل في جميع أقطار الوطن العربي، كي يكون مصدراً سهلاً وسائغاً أمام المهتمين والباحثين والدارسين والكتاب وواضعي الكتب المدرسية باللغة العربية.
وقد رأى مجمع اللغة العربية الأردني في هذا العمل مشروعاً قومياً ولغوياً مهماً، يغني اللغة العربية ويرسي لبنات مهمة وأساسية في قواعد إنشاء الوحدة بين الشعوب العربية في مختلف أقطارها ويعزز التفاهم بين مواطنيها. فقرر اتخاذ الآليات الكفيلة بإنجاز هذا المشروع في الأردن ، وقام بتشكيل هيئة تحرير من عدد من الأساتذة المتخصصين ، تكون مهمتها دراسة وجمع الألفاظ ، وتصنيفها وتبويبها والتأكد من ضبطها وصحة التعريف ودقته علمياً ولغوياً. وتختار الهيئة للمدلول الواحد لفظة واحدة أو لفظتين، على وفق معايير ومبادئ يتفق عليها، مثل: الفصاحة والشيوع والسهولة... ويكون حصيلة ذلك مشروعاً أردنياً ، يطبع ويرسل إلى مركز اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية في القاهرة، لإدخاله في الحاسوب، مع المشاريع التي من المفروض أن تقدمها المجامع الأخرى. وسيكلف الاتحاد خبراء متخصصين من مختلف الأقطار العربية لدراسة هذه المشروعات، وتمحيصها وتدقيقها وتبويبها، وإخراج "معجم عربي موحَّد لألفاظ الحياة العامة"، حتى يكون للمدلول الواحد لفظة واحدة أو لفظتان. وسيتم اختيار الألفاظ أو وضعها عند الضرورة، على وفق معايير ومبادئ يتفق عليها، ومنها الشيوع والفصاحة والسهولة، والإفادة من التراث الموروث ومن جميع الجهود السابقة في هذا المجال. وفي جميع المراحل ، ستكون وحدة الحاسوب ، وحدةَ أساسية وفاعلة، تختصر الجهد والوقت.
آلية التحرير والمراجعة
وضعت هيئة تحرير المعجم نصب أعينها الأسس الآتية في اختيار ألفاظ المعجم:
يتبـــــــــــــــــــع