السؤال:
في بلدتنا يقوم الناس باستدعاء إمام المسجد والدعاء للموتى من أقربائهم في جماعة عند قبورهم ولدي هنا خمس أسئلة: 1-هل يقبل الله الدعاء للميت ( عند القبر) من أي شخص عدا ولده الصالح ؟ ( كما ذكر في الحديث) . 2-ألا يقبل الله دعاء الابنة الصالحة لوالدها المتوفي ؟ 3-هل يعد هذا الدعاء الجماعي بدعة ؟ 4- دفع الأجرة للإمام مقابل الدعاء يبدو شيئاً سيئاً , ألا يعد ذلك خطئاً ؟ 5- بعض الأقارب يبرر الأمر بقوله أن دخل الأئمة المادي قليل جداً ويحتاجون لدخل إضافي لكي يقوموا علي رعاية أسرهم . هل هذا التبرير صحيح ؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الدعاء للميت بعد الدفن مشروع ، يفعله الابن وغيره ؛ لحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ : ( اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ ) رواه أبو داود (3221) ، وصححه الألباني في أحكام الجنائز ص198 .
فيستحب لكل مسلم حضر الدفن أن يدعو للميت .
ثانيا :
دعاء البنت الصالحة لوالدها ، يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم (1631) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ؛ لأن الولد في لغة العرب يشمل الذكر والأنثى ، كما في قوله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) النساء/ 10
ثالثا :
الدعاء الجماعي بعد الدفن ، إن كان يحصل أحيانا ، ولم يجعل سنة راتبة ، أو اتفق أن أحدهم دعا ، فأمن رواءه غيره : فقد أجازه بعض أهل العلم .
وإن كانوا يواظبون على هذه الطريقة كلما شيعوا جنازة ، أو زاروا الميت ، أو يخصصون وقتا لاجتماعهم ، أو كانوا يدعون بصوت واحد ، فهذا من البدع والمحدثات .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : " أرى بعض الناس يقفون عند القبر بعد دفن الميت ويدعون له , فهل هذا جائز ؟ وهل هناك دعاء مشروع يقال بعد الانتهاء من الدفن ؟ وهل هو جماعي كأن يدعو شخص ويؤمن الباقون على دعائه ؟ أم إن كل شخص يدعو وحده ؟ أفتونا جزاكم الله خيرا.
الجواب : قد دلت السنة الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم على شرعية الدعاء للميت بعد الدفن , فقد « كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال : استغفروا لأخيكم، واسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل » ، ولا حرج في أن يدعو واحد، ويؤمن السامعون أو يدعو كل واحد بنفسه للميت، والله ولي التوفيق " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (13/ 204).
وسئل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ أيضا :
"الدعاء الجماعي عند القبور ما حكمه؟" .
فأجاب :
" ليس فيه مانع ؛ إذا دعا واحد وأمَّنَ السامعون فلا بأس ، إذا لم يكن ذلك مقصودا ، وإنما سمعوا بعضهم يدعو فأمن الباقون ، ولا يسمى مثل هذا جماعيا لكونه لم يقصد " انتهى من " فتاوى الشيخ ابن باز " (13/340) .
رابعا :
لا يشرع دفع الأجرة للإمام مقابل دعائه للميت ، وليس من السنة تطويل الوقوف عند القبر ، وأي خير في دعاء إنسان مستأجر !
وينظر للفائدة : سؤال رقم (83829) .
خامسا :
ينبغي إعانة الأئمة الفقراء من الزكاة والصدقة ، ولا يجوز تشجيعهم على البدع والمحدثات .
والله أعلم .