........................
الفصل الأول
منهج بلاشير في الترجمة
1 - في عام 1949م قام ريجيس بلاشير بترجمة معاني القرآن الكريم. وفي الطبعة الأولى وضع ترتيب السور وفق نزولها، سيرا على نهج بعض المترجمين البريطانيين، وذلك بقصد تفسير التشريع على ضوء الوقائع التاريخية. ثم تخلى عن ذلك في الطبعات التالية بعدما اقتنع بعدم جدوى مخالفة ترتيب المصحف العثماني.
2 - ويذكر دائما في مقدمة السورة مصدر اسمها وآراء المفسرين المسلمين وغير المسلمين في مكيتها أو مدنيتها جزئيا أو كليا. لكنه يرجِّح آراء غير المسلمين في أغلب الأحيان، وقد يذكر معلومات أخرى عن السورة.
3 - ويترجم بعض الآيات مرتين أو أكثر، إذا رأى أن للآية أكثر من معنى.
4 - ويذكر في ترجمته رقمين للآية: الرقم الأول هو رقمها حسب طبعة فلوجل للمصحف الذي اعتمد في عدِّ آياته على ترقيم خاص به مخالف لما عليه علماء الأمة، والرقم الثاني رقمها حسب طبعة القاهرة. وقد أشار إلى ذلك في " التنبيه " الذي كتبـه قبل مقدمـة ترجمته قائلا([11]) إن: "الآية في ترجمته تحمل رقمين: الرقم الأول (أي رقم طبعة F lugel) هو الذي ما زال يستعمل غالبا في أوروبا، والرقم الثاني هو رقم طبعـة القاهرة".
5 - اعتمد في ترجمته –كما يدعي- على أربعة تفاسير وهي: الطبري، والبيضاوي، والنسفي، والرازي. ولكن عند قراءة ترجمته يلاحظ أنه يرجح دائما آراء المستشرقين على ما جاء في هذه الكتب.
6 – ومن آرائه أنه يرى أن بعض الآيات إلحاقية نزلت متأخرة عن الآية السابقة لها. ويشير إلى هذه الآيات التي يراها متأخرة بطباعتها بطريقة خاصة تميزها عن الآيات الأخرى وذلك إما بطباعتها في الجانب الأيمن من الصفحة أو بطباعتها بحرف مائل. ومثال ذلك الآية 129 في سورة النساء ([12]).
7 - ويدَّعي في مواضع أن الآيات ناقصة، فيأتي بعبارات من التوراة ليستكمل بها هذا النقص المزعوم.
8 - كما قام بنقل بعض الآيات من أماكنها.
وقد وصف جاك بيرك ترجمة بلاشير هذه بقوله: "ترجمة بلاشير لها مزاياها، فهو من أفضل المستشرقين الأوربيين اطلاعاً وضلاعة في قواعد اللغة العربية وآدابها، ولكن من نواقصه أنه كان علمانياً، أي أنه لم يكن قادراً على تذوق المضمون الروحي للقرآن وأبعاده. … إن ترجمته للقرآن – على الرغم من مزاياها- فإن لها نواقصها، ولكنها تبقى من أفضل الترجمات القرآنية للقرآن مع ترجمة الجزائري حمزة بوبكر) ([13]).
موقفه تجاه القرآن الكريم
هدف المستشرقين في ترجماتهم لمعاني القرآن الكريم معروف. وهو محاربة القرآن الكريم بالقرآن الكريم نفسه. وذلك بما يبثون في ترجماتهم ومقدماتهم وحواشيهم من أكاذيب وافتراءات يحاولون بذلك إقناع القراء بأن القرآن الكريم من تأليف محمد e، لأنهم يرون أن ذلك يصيب الإسلام في الصميم. وتقع مقدمة([14]) الطبعة الأولى لترجمة بلاشير في 310 صفحة ضمنها عدة موضوعات، منها:
- تدوين القرآن الكريم.
- وصف للمصحف العثماني.
- انتقادات مثارة من خلال النص القرآني.
- الترجمات الأوربية.
أما طبعة عام 1980م للترجمة المذكورة([15]) والتي نحن بصدد دراستها الآن، فلم تتجاوز مقدمتها عشر صفحات، حاول فيها تقسيم فترة النبوة المحمدية إلى أربع مراحل، ضمنها تحليلات وتعليقات مزيفة تهيئ ذهن القارئ لقبول ما يختلقه في ترجمته من افتراءات للنيل من القرآن الكريم. وسترى نماذج من هذه الافتراءات في الصفحات القادمة إن شاء الله.
وهذا يدل على ما بذله بلاشير – الذي هو من أشهر المستشرقين- من مجهودات مضنية لتحقيق هذا الهدف الاستشراقي.
..................