إلتهابات الأذن: ما لها وما عليها
2011 م
ثمّة
أعراض عدّة تنتج عن تعرّض الأذن لأحد مسبّبات العدوى أو الإلتهاب، من
بينها: الشعور بألم في الأذن وضعف في السمع ودوار وفقدان الإتزان.
"سيدتي" اطلعت من عضو "الجمعية البريطانية لجرّاحي الأنف والأذن والحنجرة"
وعضو "الأكاديمية الأوروبية لجرّاحي تجميل الوجه والأنف"، ومؤلف أوّل مرجع
طبي عالمي عن جراحة الأنف والوجه يصدر عن منطقة الخليج والشرق الأوسط
الدكتور محمد بشار البرزة على أهمّ أسباب وأنواع إلتهابات الأذن وطرق
علاجها.
تنقسم الأذن إلى أجزاء ثلاثة رئيسة، لكلّ منها تركيب خاص ودور في حاية السمع، وهي:
- الأذن الخارجية: تبدأ بصوّان الأذن وهو الجزء الغضروفي الخارجي، تليه
القناة السمعية الخارجية التي تمتدّ بطول 24 ملليمتراً تقريباً حتى غشاء
طبلة الأذن الذي يفصل بين الأذن الخارجية والوسطى.
- الأذن الوسطى: تجويف يحتوي على داخله على عظيمات ثلاث مركبة (المطرقة
والسندان والركابي) تقوم بنقل ذبذبات الصوت من غشاء طبلة الأذن إلى الأذن
الداخلية. وتتّصل الأذن الوسطى بالجزء العلوي أو الأنفي من البلعوم عبر
قناة استاكيوس التي يصل طولها لدى البالغ حوالي 36 ملليمتراً، وتعمل على
مساواة الضغط داخل الأذن الوسطى بالضغط الخارجي.
- الأذن الداخلية: ممرات أنبوبية معقّدة تحتوي على مكوّن حلزوني الشكل يعرف
بـ"قوقعة الأذن"، يضمّ خلايا شعرية تتصل بنهايات العصب السمعي. كما تحتوي
أيضاً على قنوات نصف هلالية تلعب دوراً هاماً في حفظ توازن المرء.
* أشكال إلتهاب الأذن:
ويظهر إلتهاب الأذن في صور مختلفة وفقاً للجزء المصاب منها، على الشكل التالي:
1- عدوى وإلتهاب الأذن الخارجية:
تتسبّب هذه العدوى في إلتهاب الجزء الخارجي من الأذن والقناة السمعية الخارجية، وتنتج عن الأسباب التالية:
- بكتيرية: تمثّل 91% من الحالات، وأبرزها: الإصابة بالمكوّرات العنقودية أو المكوّرات العقدية.
- فطرية: تتمثّل في الإصابة بـ"الرشاشيات" (Aspergillus) أو المبيضات (Candida Albican).
- فيروسية: تتمثّل في الإصابة بالهربس البسيط أو الهربس العصبي.
* أعراضها:
في العدوى البكتيرية: يتعرّض المصاب إلى ألم في الأذن وشعور بالحكة واحمرار
وتورّم في الجلد وقناة الأذن، مع خروج إفرازات سائلة قد تُكوّن قشوراً عند
جفافها، ما يؤدّي إلى إنسداد الأذن وضعف السمع. وقد يصاحب بعض الحالات
الحادة إرتفاع في درجة الحرارة وتورّم في العقد اللمفاوية المجاورة. كما
تظهر العدوى البكتيرية في صور أخرى كـ"الدمامل" أو إلتهاب الغضروف الخارجي
للأذن. وثمّة إلتهاب آخر يعرف طبياً بـ"إلتهاب الأذن الخبيث" ينتج عن عدوى
بكتيريا (Pseudomonas) التي تصيب عادةً كبار السن، وخصوصاً مرضى السكري،
وتكمن خطورته في إمكانية إنتشار العدوى إلى عظام الجمجمة، مسبّبة إلتهاب
العظام. كما قد يصيب الأعصاب الدماغية السابعة والتاسعة والعاشرة والحادية
عشر والاثني عشرة.
- في حالة العدوى الفطرية: يعاني المصاب من خروج إفرازات أذنية ثقيلة بيضاء
أو رمادية، ولكنّه لا يشعر بألم بالأذن يؤرّقه، إلا إذا تعرّض إلى عدوى
بكتيرية إضافيّة.
- في حالة العدوى الفيروسية: تظهر الحويصلات الجلدية المميّزة لفيروس
الهربس منتشرة حول الأذن، إلا أنها عادةً ما تجفّ بعد بضعة أيام، تاركةً
القشور وإلتهاب الجلد. وفي بعض الحالات، تتأثّر الأعصاب المخيّة بالعدوى.
- إلتهاب أذن السباح: يعرف الأطباء إلتهاب الأذن الخارجية بمصطلح "أذن
السبّاح"، إذ إرتبط حدوثها بالتعرّض المتكرّر للمياه والتي يتجمّع بعض
قطرات منها ويتمّ حبسها داخل قناة الأذن بواسطة الإفرازات الشمعية، ما
يجعلها بيئةً نديةً ورطبةً تساعد على نمو البكتيريا والفطريات. كما تؤدّي
الخدوش الجلدية الناتجة عن حكّ الأذن بعنف أو الإستخدام الخاطئ لعيدان
القطن المنظّفة للأذن إلى سهولة دخول البكتيريا والجراثيم داخل القناة
السمعية وحدوث عدوى. لذا، تزداد معدلات الإصابة بعدوى الأذن الخارجية أثناء
الصيف، نظراً إلى زيادة التعرّض إلى الأنشطة المائية. وفي هذا الإطار،
تشير إحصائية حديثة صادرة عن جامعة "هارفارد" الطبية بالولايات المتحدة أن
نسبة الإصابة بإلتهابات الأذن الخارجية قدّرت بنسبة شخص واحد لكل 100 شخص
من السكان.
* نصائح علاجية:
- يراعي إبقاء الأذن جافة، مع تجنّب دخول المياه إليها، كما يفضّل إستخدام
سدّادات الأذن المصمّمة لمنع وصول الماء داخل الأذن عند الإستحمام أو
السباحة.
- تجنّب إستخدام عيدان التنظيف القطنية أو حكّ الأذن أو إستخدام السمّاعات حتى يزول التورّم وتجفّ الإفرازات.
- الحفاظ على نظافة الأذن بإستمرار عن طريق التخلّص من الشمع بمساعدة الطبيب.
* العلاج الدوائي:
- علاج العدوى البكتيرية: ينصح الطبيب بإستهلال العلاج بالمضادات الحيوية،
سواء الموضعية في شكل نقاط أو أقراص فموية. وقد تستخدم بعض المركبات
الستيرودية لتقليل حدّة الإلتهاب والعقاقير المسكّنة لتخفيف الألم، كما
يراعى تنظيف الأذن مسبقاً عبر إزالة الإفرازات والخلايا الميتة منها.
- في إلتهاب الأذن الخبيث: ينصح بالتحكّم في نسبة السكر بالدم أوّلاً، ثمّ
تناول المضادات الحيوية عبر الوريد، فضلاً عن الجرعات الموضعية. ويلجأ
الأطباء أحياناً إلى التدخل الجراحي للتخلّص من الأنسجة العظيمة المصابة.
- في العدوى الفطرية: تستخدم الأدوية المضادة للفطريات، مع إزالة الكتلة
الفطرية المتكوّنة والإفرازات الثقيلة بإستخدام الشفط أو غسل الأذن.
- في العدوى الفيروسية: تستخدم الأدوية المضادة للفيروسات.
2- إلتهاب الأذن الوسطى: تشكّل أبرز صور إلتهاب الأذن بين الأطفال. وفي هذا
الإطار، تفيد دراسة أشرف عليها "مستشفى بوسطن للأطفال" أن ما يزيد عن 80%
من الأطفال يصابون على الأقل مرّة واحدة بإلتهاب الأذن الوسطى في سنّ 3
سنوات، بينما يتعرّض 50% منهم للإصابة بها ثلاث مرّات أو أكثر. وتزداد
شيوعاً بين الأطفال من سنّ 6 أشهر حتى 3 سنوات.
ويرجع السبب الرئيس المسؤول عن هذه الحالة خلل وظيفي في قناة استكايوس التي
تربط الجزء العلوي من البلعوم بالأذن الوسطى وإنسدادها بفعل تضخّم
اللوزتين أو اللحمية الأنفية، ما يؤدّي إلى فقدان توازن الضغط داخل الأذن
وتعرّضها للإحتقان والإرتشاح. ولذا، تعدّ الإفرازات المتجمّعة خلف طبلة
الأذن بمثابة بيئة مناسبة لنمو البكتيريا، ما يسبّب تكوّن قيح أو صديد، ما
يعرف بإلتهاب الأذن الوسطى القيحي. وتكثر الإصابة بين الأطفال بسبب تعرّضهم
لنزلات البرد أو عدوى الجهاز التنفسي وإحتقان الحلق واللوزتين ما يمثّل
مركزاً رئيساً لإنتقال العدوى إلى الأذن، بالإضافة إلى أن قصر طول قناة
إستاكيوس لدى الأطفال واتساع قطرها عند البالغين يؤدي إلى سهولة إنتقال
العدوى، كما تسرّب الحليب من البلعوم إلى الأذن أثناء إرضاع الطفل مستلقياً
على ظهره أو في وضع خاطئ. وتزداد معدلات الإصابة في حال ضعف جهاز مناعة
الطفل أو تعرّضه لدخان السجائر أو إختلاطه مع آخرين مصابين بالزكام أو ممّن
تبدو عليهم أعراض البرد خصوصاً داخل الأماكن المزدحمة.
* أعراضها:
تتمثّل أعراض هذه الحال، في: شعور بإمتلاء الأذن وألم شديد وصداع وإرتفاع
في درجة الحرارة وضعف السمع. وفي حال تحسّن الأعراض وزوال الألم، من
المحتمل أن يكون غشاء طبلة الأذن قد تعرّض للثقب بفعل الضغط الواقع عليه
بسبب زيادة تجمّع الإفرازات خلفه، خصوصاً إذا ما ارتبط زوال الأعراض ببداية
خروج الإفرازات أو القيح خارج الأذن.
وفي حال إهمال الطفل، قد تتحوّل هذه الأعراض إلى عدوى مزمنة، وقد تشكّل مصدر عدوى تنتشر بعدها إلى الدماغ أو خارجه.
* توصيات علاجية:
- العلاج الدوائي: ينصح بملازمة الطفل الفراش، مع الراحة التامة وتناول
المضادات الحيوية واسعة المدى ومضادات الإحتقان والمسكنات لتخفيف الألم
والعقاقير الخافضة للحرارة.
- التدخّل الجراحي: في حال فشل العلاج الدوائي أو إستمرار الألم، يفضّل
إجراء شقّ جراحي صغير للتخلّص من الإفرازات المتجمّعة في الأذن.
3- إلتهاب الأذن الداخليّة: يرجع إلتهاب الأذن الداخلية إلى أسباب عدّة
لعلّ أبرزها العدوى، وعادةً ما يكون الميكروب الذي يصيب المرء هو ميكروب
فيروسي يصيب الجزء الخاص بالتوازن في الأذن الداخلية. ولكن، قد تحدث عدوى
إلتهاب الأذن الداخلية أيضاً نتيجة أنواع من البكتيريا. وفي غالبية
الأحيان، تحدث العدوى، سواء كانت بسبب إلتهاب فيروسي أو بكتيري، نتيجة
للإصابة بعدوى الجهاز التنفسي العلوي كالأنفلونزا الحادة التي قد تصيب
الأذن الوسطى. وقد ينتقل الميكروب إلى الأذن الداخلية عن طريق الدم أو
الأذن الوسطى مباشرةً.
* أعراضها:
تحتوي الأذن الوسطى على الجهاز المسؤول عن الإتزان بالجسم، ولذا تستهلّ
أعراضها، في دوار مفاجئ يصاحبه غثيان وتقيؤ، وقد يبلغ الأمر مرحلة الإجهاد
العام في الجسم نتيجة الشعور السيِّئ بفقد الإتزان. وتشمل هذه الأعراض،
أيضاً: طنيناً في الأذن وفقداناً للسمع في أذن واحدة أو في كلتيهما بدرجات
متفاوتة، وقد يبلغ الأمر مرحلة الفقدان الكلّي للسمع في بعض الحالات
النادرة. وعادةً ما ينتهي الدوار خلال أيّام قليلة، ولكن تلازم المرء حالةً
من عدم الإتزان لفترات طويلة تصل إلى شهور في بعض الحالات، ما يسبّب
التوتر العصبي (رعشة في الأطراف وإحساس بضربات القلب ونوبات من الفزع) أو
الأرق المزمن، وقد يصل الأمر إلى حدّ الإكتئاب.
* توصيات علاجية:
- إستعمال مضادات الفيروسات في حالات الإصابة الفيروسية أو المضادات الحيوية في حالات البكتيريا.
- إستخدام المسكّنات اللازمة ومضادات التقيؤ والغثيان لتخفيف الأعراض.
غبار المنازل يفاقم الحساسية