سميره احمد .
عدد المساهمات : 722 نشاطي بالمنتدى : 49934 12 تاريخ التسجيل : 27/10/2011
| موضوع: رجال اختارو الاخره فكسبوا دنياهم واخرتهم السبت أكتوبر 29, 2011 4:04 am | |
|
رجل اشترى الآخرة بالدنيا ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, كان الفتى سعيد بن عامر الجمحي ، واحدا من الآلافالمؤلفة ، الذين خرجوا إلى منطقة التنعيم في ظاهر مكة بدعوة من زعماء قريش ،ليشهدوا مصرع خبيب بن عدي أحد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن ظفروا به غدرا . ثم أبصر سعيد بن عامر خبيبا يرفع بصره إلى السماء من فوق خشبة الصلب ويقول : اللهمأحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا ، ثم لفظ أنفاسه الأخيرة . عادت قريش إلى مكة ، ونسيت في زحمةالأحداث خبيبا ومصرعه . و لكن لم يغب خبيب عن خاطره لحظة . و أدرك أن الرجل الذي يحبه أصحابه كل هذا الحب إنما هو نبي مؤيد من السماء عند ذلك شرحالله صدر سعيد بن عامر إلى الإسلام ، فقام في ملأ من الناس ، وأعلن براءته من آثامقريش وأوزارها ، وخلعه لأصنامها وأوثانها ودخوله في دين الله. هاجر سعيدبن عامر إلى المدينة ، ولزم رسول الله صلوات الله عليه ، وشهد معه خيبر وما بعدهامن الغزوات . ولما انتقل النبي الكريم على جوار ربه وهو راض عنه ، ظل من بعده سيفامسلولا في أيدي خليفتيه أبي بكر وعمر ، وعاش مثلا فريدا فذا للمؤمن الذي اشترىالآخرة بالدنيا ، وآثر مرضاة الله وثوابه على سائر رغبات النفس وشهوات الجسد. مواقف من حياته : تولية عمر له على أهل حمص دخل على عمر بن الخطاب في أول خلافته فقال:" يا عمر ، أوصيك أن تخشى الله في الناس، ولا تخشى الناس في الله ، وألا يخالف قولك فعلك ، فإن خير القول ما صدقه الفعل" فقال عمر : ومن يستطيع ذلك يا سعيد ؟! فقال : يستطيعه رجل مثلك ممن ولاهم الله أمر أمة محمد ، وليس بينه وبينالله أحد .
عند ذلك دعا عمر بن الخطاب سعيدا إلى مؤازرته وقال : يا سعيدإنا مولّوك على أهل " حمص "
فقال : يا عمر نشدتك الله ألا تفتنني فيصيح به عمر: "والله لا أدعك.. أتضعون أمانتكم وخلافتكم في عنقي.. ثمتتركوني"..؟؟!! واقتنع سعيد في لحظة، فقد كانت كلمات عمر حريّة بهذاالإقناع. أجل. ليس من العدل أن يقلدوه أمانتهم وخلافتهم، ثم يتركوهوحيدا..وإذا انفض عن مسؤولية الحكم أمثال سعيد بن عامر، فأنّى لعمر من يعينه علىتبعات الحكم الثقال..؟؟ شكوى أهل حمص كانت حمص حينئذ، توصف بأنها الكوفة الثانية وسبب هذا الوصف، كثرة تمرّد أهلهاواختلافهم على ولاتهم. ولما كانت الكوفة في العراق صاحبة السبق في هذاالتمرد فقد أخذت حمص اسمها لما شابهتها... وعلى الرغم من ولع الحمصيينبالتمرّد ، فقد هدى الله قلوبهم لعبده الصالح سعيد، فأحبوهوأطاعوه.
ولقد سأله عمر يوما فقال: " إن أهل الشام يحبونك".؟ ... فأجابهسعيد قائلا:" لأني أعاونهم وأواسيهم"..!
بيد أن مهما يكن أهل حمص حب لسعيد،فلا مفر من أن يكون هناك بعض التذمر والشكوى. ..فزار عمر رضي الله عنه حمص تحدث مع أهلها و سمع شكواهم. فقالوا : نشكو منه أربعا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار، ولا يجيب أحد بليل، وله في الشهر يومان لا يخرج فيهما إلينا ولا نراه، وأخرى لا حيلة له فيها ولكنها تضايقنا وهي أنه تأخذه الغشية بين الحين والحين... فقال عمر في نفسه : اللهم إني أعرفه من خير عبادك، اللهم لا تخيب فيه فراستي... ودعا سعيدًا للدفاع عن نفسه...
فقال سعيد: أما قولهم إني لا أخرج إليهم حتى يتعالى النهار، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب، إنه ليس لأهلي خادم، فأنا أعجن عجيني، ثم أدعه حتى يختمر، ثم أخبز خبزي، ثم أتوضأ للضحى، ثم أخرج إليهم...وتهلل وجه عمر وقال: الحمد لله، والثانية؟!... قال سعيد: وأما قولهم: لا أجيب أحدا بليل، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب، إني جعلت النهار لهم، والليل لربي ...
وأما قولهم: إن لي يومين في الشهر لا أخرج فيهم، فليس لي خادم يغسل ثوبي، وليس لي ثياب أبدله، فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر حتى يجف بعد حين وفي آخر النهار أخرج إليهم... وأما قولهم: إن الغشية تأخذني بين الحين والحين، فقد شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة، وقد بضعت قريش لحمه، وحملوه على جذعه، وهم يقولون له: أتحب أن محمدا مكانك، وأنت سليم معافى؟...فيجيبهم قائل: والله ما أحب أني في أهلي وولدي، معي عافية الدنيا ونعيمه، ويصاب رسول الله بشوكة...فكلما ذكرت ذلك المشهد الذي رأيته، وأنا يومئذ من المشركين، ثم تذكرت تركي نصرة خبيب يومه، أرتجف خوفا من عذاب الله ويغشاني الذي يغشاني...
وانتهت كلمات سعيد المبللة بدموعه الطاهرة...ولم يتمالك عمر نفسه وصاح: الحمد لله الذي لم يخيب فراستي...وعانق سعيدا. ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سعيد بن عامر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يجيء فقراء المسلمين يزفون كما يزف الحمام ويقال لهم: قفوا للحساب فيقولون: والله ما أعطيتمونا شيئا تحاسبونا به. فيقول الله عز وجل: صدق عبادي. فيدخلون الجنة قبل الناس بسبعين عاما. وفاته وفي العام العشرين من الهجرة، لقي سعيد ربه أنقى ما يكون صفحة، وأتقى ما يكون قلبا،وأنضر ما يكون سيرة.. سلام على سعيد بنعامر...سلام على سيرته وذكراه..
| |
|