الشاعروالاديب الكويتي
( عبـــدالله العتيبي )
(رحمة الله عليه)
كان يقول عن نفسه:
أنا نهمة البحار في أهواله
أنا نخوة البدوي حين يضام
نشأته ومسيرته الأدبية
ولد د.عبدالله محمد العتيبي في الكويت عام 1942م·
أتم تعليمه الأولي في مدارس الكويت، وأكمل جميع مراحل الدراسة الجامعية في جامعة القاهرة، حيث حصل على ليسانس لغة عربية وآدابها·· كلية دار العلوم عام 1970·
في عام 1974 حصل على الماجستير في الأدب العربي كلية دار العلوم - جامعة القاهرة وعنوان الرسالة "شعر السلم في العصر الجاهلي"·
في عام 1977 حصل علي الدكتوراه في الأدب العربي كلية دار العلوم - جامعة القاهرة بمرتبة الشرف الأولى، وعنوان الرسالة "الحرب والسلم في الشعر العربي من صدر الإسلام إلى نهاية العصر الأموي"·
عمل أستاذاً مساعداً في قسم اللغة العربية وآدابها - جامعة الكويت·
ترأس قسم اللغة العربية مرات عدة، وعمل لعميداً مساعداً، ثم عميداً لكلية الآداب جامعة الكويت·
نائب رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء الكويتية "كونا"·
عضو اللجنة العليا للمعاهد الفنية·
عضو رابطة الأدباء في الكويت، ثم شغل منصب الأمين العام لها·
عضو المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وعضو لجنة جوائز الدولة·
اشترك في معظ الأسابيع الثقافية الكويتية في بعض البلدان العربية·
شارك وساهم في معظم المؤتمرات، والأنشطة الثقافية، والأمسيات الشعرية داخل الكويت وخارجها·
- كتب الشعر الفصيح، والشعر الغنائي بالفصحى والعامية في كلمات حماسية وتشبيهات ذات ألفاظ رقيقة، تعبق بالأصالة والخلود والقدم والحس الوطني، وقد استطاع بجدارة وموهبة أن يجعل من شعره متعة، ومن أغانيه الوطنية مرآة الإحساس بالأرض والتربة والإنسان·
- كتب أجمل الأغاني الطويلة والملاحم والأوبريتات التي تعتمد على استلهام التراث الفني الشعبي الكويتي، وعلى إحساس الإنسان بالانتماء إلى التاريخ العربي، وتعميقه وتنميته· إلى جانب الأغاني القصيرة (بالخيريللي) و(إحنا الخطاوي الأكيدة) التي تحمل معاناة الأرض·
ومن أشعاره التي تغنى:
احنا الخطاوي الأكيدة، وسرى الليل يا قمرنا، ولا ياقلبي،
ويا ساهر الليل، ويا دمعتي ودعيني، وحالي حال وغيرها من
الاشعار التاريخية والتراثية الجميلة:
هنا السيف و«الأبوام» تتلو بصمتها
عليك. وتروي عبر ألواحها سفرا
وطوفت «بالفرجان» أنشد أمسها
لنجعله في النائبات لنا ذخرا
فألفيت فوق «السور» أروع حكمة
إذا كانت الدنيا ظلاما فكن بدرا
وكن لاصقا بالأرض مثل ترابها
فمن عافها عبدْ وإن قد بدا حُرا
ومن لم تكن في قلبه مثل نبضه
فليس حريا أن تكون له قبرا
ومن لم يكفكف دمعها ساعة الأسى
فلا يرتجي من غيمها أبدا قطرا
أغنية عوض الدوخي «ياساهر الليل»
من كلمات الشاعر عبد الله العتيبي وألحان أحمد باقر، اتفق الجميع
على أن الأغنية من أبرز الأعمال الغنائية البحرية المطوّرة والتي
لا تزال تُذاع حتى الآن وتحتفظ بمستواها الفني، تقول كلماتها:
آه يا ساهر الليل مثلي ما تنام
والله ذكرتني بالأحبة يا حمام
يانايمين في الهوى زاد العتاب
ما تدري أن الهوى
«سرى الليل» لعبد الكريم عبد القادر
من تأليف د. عبدالله العتيبي، ساهمت الأغنية في ظهور
عبد الكريم عبدالقادر فتألق على الساحة الغنائية الكويتية،
تقول مقدمتها:
سرى الليل يا قمرنا وناديك بسهرنا
وأنا أخاف ياقمرنا خذاك الليل والهوى
لياليك دنيانا وعناويك نجوانا
أمانيك سلوانا لك الشوق ودانا
«لا يا قلبي» لشادي الخليج
أغنية الدكتور عبد الله العتيبي للمغني شادي الخليج وألحان
أحمد باقر سجلها الثلاثي الفني حين كانوا يدرسون في القاهرة
عام 1964:
لا يا قلبي أنا تكفيني ابتسامة من حبيبي
والا نظرة والا كلمة حلوة تطفي لي لهيبي
لا يا قلبي...
لا يا قلبي خايف أكشف حبي له وأشرح غرامي
لا يا قلبي يبعد عني ويزعل من كلامي
مـــؤلفاته
1 - كتاب "شعر السلم في العصر الجاهلي" صدر عام 1975·
2 - كتاب الشاعر عبدالله سنان دراسة ومختارات بالاشتراك مع الأستاذ خالد سعود الزيد عام 1980·
3 - عام 1984 صدر له كتاب "دراسات في الشعر الشعبي الكويتي"·
4 - عام 1988 صدر له ديوان بعنوان "مزار الحلم"·
5 - عام 1993 صدر له ديوان "طائر البشرى" من أغاني الوطن المقاومة والتحرير·
يقول الدكتور سليمان الشطي:
"ومن حقه أيضاً أن نحبه شاعراً، ولست وحدي المشغوف بشعره، فكلنا لمس صدق التعبير، وصفاء التناول، ودفء الوطنية في هذا الشعر الذي كرسه للوطن، وإن كان قدم (طائر البشرى) وحبيب الروح وتوثب الوطنية، فهو من قبل قدم مواكب الوفاء وحديث السور، وفوق هذا كله قدم لنا في ديوانه (مزار الحلم) كلمة من نوع خاص، وهو شعر يزهو به، ويفاخر من يعرف مقدار الكلمة المتميزة المثقفة الأصلية المعاصرة والفكرة المنيرة الهادية المبشرة، قدم هذا بالكلمة العربية في صورتها النقية والفصحى، فكانت مجاله الذي يرضى عنه كل الرضى"·
في ديوان الشاعر العتيبي الأول (مزار الحلم):
قد يدرك القارئ الذي يحاول الإبحار داخل هذا الديوان، ما يتمتع به الشاعر من وضوح اللغة وسلاستها وعذوبتها، فهو لا يرفع شعارات الإدعاد والتكلف، إنما يصل إلينا بلغة فذة مثقفة من خلال قصائد الديوان التي تعتبر شموعاً من الأفكار، وضياءً من الحروف تبرق بالمعنى، الحلم في الحروف يضيء وينير أشعاراً وصوراً مرئية· يقول في مقدمة الديوان من خلال برقية (من مخطوف كويتي إلى خاطفه) كتبها أثناء المحنة، محنة اختطاف طائرة الجابرية· فإذا كان الدكتور العتيبي هو الشاعر، فإن القصيدة الوطنية هي الموضوع:
خاطفي·· أيها المخطوف من دنيا البرية
أنت يا مسكين لا تعرفني
فأنا زهرةُ الشوك ونيران الحمية
فالكويتيون في يوم الفدى
يرخصون الروح للدار الأبية
شارك بشعره في معركة التحرير، وحمل مسؤولية وطنه، منذ
الثاني من أغسطس 1990، وحتى يوم 26 فبراير 1991،
يوم النصر المبين·
لقد سكنت الجراح المثقلة قلب شاعرنا وهو يسمع عن وطنه
المغتصب· وعندما تحررت الكويت، وعادت طيور الحب إلى
أوكارها أخذ الشاعر يغني للكويت، وطن الحرية والسلام
والأمان، يغني لنصر الكويت فكانت قصائده على موعد مع
النصر، نصر الوطن الغالي:
جاءت ساعة الفرج
يا حاملين الخير في المهج
يا حافظين هواها في محاجركم
كويتنا سوف تمحو خطوة المهج
غداً تموج البيارق
بميلق كالصواعق
تدك ليل الطغاة
غداً تعود من كل جانب
كالشمس من كل جانب
والملتقى في الصفاة
تنبأ الشاعر عبدالله العتيبي بتحرير الكويت من الاحتلال
بهذه الأبيات:
بنصر بلادي جاءني طائر البشرى
فصارت ضلوعي للكويت ربابة
وصارت حروفي للكويت سنابل
توغلت في ذاتي فابصرت ديرتي
فسالت دموعي فوق رمل عشقته
بلادي بلاد طهر الحب قلبها
بلادي اذا اشتدت على الناس كربة
رجال بنوها وهي صحراء بلقع
بلادي حماها من قديم رجالها
الى ان اراد الله اخر سعيهم
بلادي وان كانت بلادا صغيرة
سيخرج من تحت الرماد محلقا
لقد علمته الريح سر اختلافها
بنصر بلادي جاءني طائر البشرى
رجعنا وكان الرجوع مقدرا
واسمع شادي في سماها مغردا
فجدد شوقي للغنى مرة اخرى
تترجم شوق الناس للفرحة الكبرى
اذا فاتها الاعصار من بعد قفرا
فاطفأت في اسيافها مهجة حرى
وعانقت ارضا قد وهبت لها العمرا
فما نقضت عهدا ولا اضمرت غدرا
تكون منارا للسنا يرشد الحيرى
وقد طوفوا من اجلها البر والبحرا
وقد ركبوا من اجلها المركب الوعرا
جميلا فصار الرمل من تحتهم تبرا
ولكنها بالحق قد كبرت قدرا
لآفاق آت نحن في سره ادرى
وسر غيوم ترسل المزن والقطرا
فجدد شوقي للغنى مرة اخرى
فليس لقب لا يغني لنا عذرا
يعيد صدى التاريخ في حلة اخرى
الراحل برفقة الشاعر على السبتي والشاعر خالد سعود الزيد
فى نوفمبر عام1981
في يوم الأحد الموافق 15 يناير 1995 رحل الشاعر الدكتور
عبدالله العتيبي إلى مثواه الأخير، وقد رثاه أهل الثقافة والفن
والأدب والإعلام في الكويت اعترافاً بفضله وشهادة منهم لحبهم له
ومنزلته في قلوبهم·
فهو رمز القصيدة الوطنية، احتفل في كل مناسبات الكويت، وسجل
كل أحداثها في قصائد مبدعة·
لقد تميز الشاعر العتيبي بالعطاء الشعري الوطني طوال حياته،
وحافظ على ذلك وهو يعاني من آلام المرض فكانت
(قلادة الصابرين)·
أما آخر أعماله الدكتورعبدالله العتيبي فهو قصيدة طويلة بعنوان
(قال المعنى)
قدم لها الدكتور سليمان الشطي فقال:
(قال المعنى)
العمل الأخير الذي أنجزه قبل وفاته بشهر واحد فقط، يريد به أن
ينظم روح مجتمعه وتاريخه الاجتماعي شعراً لخص فكرته في
إشاراته إلى أنه سيرة ذاتية لمواطن كويتي، وقد وصف التصاق
هذا المواطن "المُعنى" بديرته قائلاً عنها بأنه:
شرب الدموع بحزنها
ويعيدها رقصة جياده
ولا يصدق هذا الوصف كصدقه على الدكتورعبدالله العتيبي نفسه"·
لقد عاش شاعرنا عبدالله العتيبي وهو يغني للكويت، ومات هو
يحلم بها، إنه قيثارة الوطن بأشعاره الوطنية التي سوف تبقى
خالدة خلود الكملة الشعرية الوطنية، التي كانت نبراساً لنا في
المحن، وسوف يبقى صداها في نفوسنا أبد الدهر·
رحمك الله أيها الشاعر المبدع··
يا رمزاً للغناء العابق بالأصالة والأرض والدار والإنسان وأغاني
الوطن الكويت·