أكتشف فريق من الباحثين الألمان والإسرائيليين مجموعة من عيون الماء العذب وأشكالا جديدة للحياة في أدنى نقطة على سطح الأرض في قاع البحر الميت.
وينقض هذا الاكتشاف اعتقادا ساد زمنا طويلا أن ملوحة مياه البحر الميت مرتفعة لدرجة لا تسمح بوجود أي شكل من أِشكال الحياة فيه.
الفريق نقلا عن "رويترز" يتألف من عشرة باحثين ويرأسه داني لونيسكو من مجموعة أجهزة الاستشعار متناهية الصغر بمعهد ماكس بلانك لأبحاث علم الأحياء المجهرية البحرية بمدينة بريمن الألمانية.
ويغوص الفريق يوميا في مياه البحر الميت ويستخدم معدات صممت خصيصا لجمع عينات من قاع البحر لفحصها في مختبر مؤقت بمخيم الفريق للأبحاث.
وقاد لونيسكو فريق الغوص في موقعين عثر فيهما الباحثون على موجات دائرية بالقرب من الشاطيء الأمر الذي يدل على تدفق الماء من عينين للمياه الجوفية.
واستعان الغواصون بمعدات وأجهزة حديثة منها آلات للتصوير تحت الماء وجمعوا عينات من شقوق في قاع البحر فاكتشفوا كائنات مجهرية لم تر من قبل الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات العلمية.
وقال لونيسكو في أحد مواقع الغوص "فحصنا عددا كبيرا من العيون في المنطقة وفوجئنا باكتشاف بكتريا حية بكثرة والآن اكتشفنا طحالب بتركيز أكبر، ومن المثير للاهتمام أن تلك الكائنات الحية مختلفة عما نجده عندما تخفف الأمطار أو السيول مياه البحر الميت".
ويسعى الفريق حاليا إلى معرفة كيفية تأقلم تلك الكائنات المجهرية على الحياة في بيئة شديدة الملوحة يستحيل أن تحيا فيها أي كائنات أخرى.
وقال لونيسكو "بعد أن نفهم كيف تعيش هذه الكائنات سنجد أنها تستطيع الحياة في الظروف القصوى، إما أنها بكتريا المياه العذبة تستطيع أن تتكيف مع هذه الملوحة المرتفعة أو أنها كائنات تزدهر في الملوحة القصوى اضطرت أن تتكيف فجأة مع المياه العذبة، الكائنات التي تستطيع أن تعيش في مثل هذا لنطاق الواسع من الملوحة مفيدة جدا للصماعة".
ويرجع العثور على عيون للمياه العذبة وبكتريا في أجزاء كبيرة من قاع البحر الميت إلى ثلاثينات القرن الماضي لكن خطورة الغوص في المياه الشديدة الملوحة حالت دون مواصلة الأبحاث.
وذكر كريتسان لوت خيبر الأحياء والمصور تحت الماء الذي يشارك في الأبحاث أن الاكتشاف كان مفاجأة مذهلة.
وقال "الغوص صعب في العادة في مياه البحر الميت، نضطر إلى حمل الكثير من الأثقال لنغوص، وجدنا هناك تلك النقاط البيضاء والملونة وأدركنا كباحثين أنها بكتريا وأشكال من الحياة لم تفحص ونحن أول من دقق فيها. إنه أمر رائع حقا".
كما ذكر لوت أن ملوحة المياه في البحر الميت سببت التهابات وحروق للغواصين.
وقال "الأمر الذي يثير الاهتمام هو أن البحر الميت يعتقد في العادة أنه خال من الحياة.. بكتريا قليلة جدا... لكننا وجدنا تنوغا ضخما من أشكال الحياة التي تستطيع أن تعيش في تلك الظروف المعاكسة، ظروف قاسية، بعد أسبوع من الغوص أصبنا بحروق وكدمات والتهب جلدنا لكن تلك الكائنات تعيش هنا وتزدهر لكننا لم نعرف ذلك إلا منذ يومين".
وصمم البروفيسور جوناثان لارون من جامعة بن جوريون الإسرائيلية والباحث يانيف مونويز نظاما مبتكرا لقياس عيون الماء ودراستها، وذكر مونوز لرويترز أن نظام القياس يسمح بتحديد كمية المياه العذبة القادمة إلى البحر الميت بدقة ومصدرها الرئيكريستيان.
وقال لوت "ثمة مناطق على طول الساحل تأتي إليها مياه عذبة من الجبال بأسفل وتصل إلى البحر الميت من الرمال. بعضها ضحل جدا إذ أن مستوى البحر الميت منخفض.. ربما توجد على الشاطيء.. وبعضها عميق جدا.. ربما على عمق 100 متر.. لا نعرف.. لكن على عمق يتراوح في المعتاد بيم خمسة أمتار و30 مترا توجد حفر في الملح قطرها بين عشرة أمتار و20 مترا وأخاديد قمعية تصل إلى عمق 20 مترا أخرى".
ومع انحسار الشواطيء بمعدل إجمالي يصل إلى متر سنويا أصبح البخر مشكلة كبيرة يعاني منها البحر لمئت الذي يحضر إليه السائحون من أنحاء العالم.
ويعكف الفريق حاليا على نشر البيانات الأولية التي جمعها من أبحاثه قي البحر الميت والتي يقول لونيسكو إنها ما زالت في بدايتها وإن البيانات التي يحصل عليها الباحثون في كل مرة يغوصون فيها تشير إلى حيوية مذهلة في البيئة تحت الماء.
واشترك البحر الميت في منافسة ضمن 28 موقعا في أنحاء العالم على الانضمام إلى قائمة عجائب الدنيا الطبيعية السبع منها شلالات ايجوازو على الحدود بين البرازيل والأرجنتين ومغارة جعيتا في لبنان وجزيرة جيجو في كوريا الجنوبية ونهر بويرتو برينسيزا الذي يتدفق تحت الأرض في الفلبين.
لكن نتيجة المنافسة التي أعلنت يوم الجمعة (11 نوفمبر) جاءت مخيبة للآمال حيث لم يكن البحر الميت ضمن المواقع السبعة التي وقع عليها الاختيار.
(رويترز)