رغم أن الإيرانيين الشيعة يصرخون دوماً بمعاداة أمريكا وإسرائيل ويصرون على التظاهر حتى في مكة المكرمة ضد أمريكا وإسرائيل إلا أنهم حافظوا على علاقة تعاون بينهم وبين إسرائيل، منذ بداية ثورة الخميني، فثورة الخميني بقيت تسير على نفس منهج الشاه، الساعي نحو النفوذ والهيمنة في المنطقة باستخدام كل الوسائل المتاحة ولو كانت تتعارض مع المبادئ المعلنة، فالمصلحة الإيرانية تتقدم على كل شيء حتى على الإسلام!!
ومن أبرز الأمثلة على ذلك: استمرار ثورة الخميني في احتلال الأحواز والمطالبة بالبحرين ومحاولة السيطرة على منطقة الخليج والإصرار على تسميته بالخليج الفارسي واحتلال جزر الإمارات، يقول د.جاسم الحياني: "سقوط الشاه لم يمنع النظام الجديد الذي جاء بعده من أن يستفيد من أخطائه... ومنها الجزر العربية الثلاث، التي ظلّت تحت السيطرة والاحتلال الإيراني، فأثبت النظام الجديد الذي جاء في أعقاب نظام الشاه أنه لا يختلف عنه في النهج التوسعي العنصري، الموضوع الذي يحتاج إلى دراسة أكاديمية أخرى مستقلة([1])".
وكان الشاه يقول: "إن العلاقة بين إسرائيل وإيران تشبه تلك القائمة بين عاشقين يعيشان قصة حب غير شرعية".
ولذلك حافظ الخميني على بقاء الباب موارباً في وجه إسرائيل ولم يغلقه بالكلية، فالخميني الذي استطاع التحالف والتعامل مع كافة الأطراف الإيرانية والعربية والإسلامية والدولية لم يكن ليعجز أو يتورع عن التحالف أو التعامل مع إسرائيل.
والخميني الذي يقدم المصلحة على المبادئ لم يتحرج من هذه العلاقة كما يروى أبو الحسن بني صدر، أول رئيس لجمهورية إيران الإسلامية، حين سألته قناة الجزيرة: "هل كنت على علم بوجود علاقات معينة مع إسرائيل لأجل الحصول على السلاح؟
فأجاب: في المجلس العسكري أعلمنا وزير الدفاع أننا بصدد شراء سلاح من إسرائيل، عجبنا كيف يفعل ذلك، قلت: من سمح لك بذلك، قال: الإمام الخميني، قلت هذا مستحيل !
قال : أنا لا أجرؤ على عمل ذلك لوحدي. سارعت للقاء الخميني وسألته: هل سمحت بذلك ؟
قال : نعم إن الإسلام يسمح بذلك، وإن الحرب هي الحرب، صعقت لذلك، صحيح أن الحرب هي الحرب،
ولكنني أعتقد أن حربنا نظيفة، والجهاد هو أن نقنع الآخرين بوقف الحرب والتوق إلى السلام، نعم هذا الذي يجب عمله وليس الذهاب إلى إسرئيل وشراء السلاح منها لحرب العرب، لا لن أرضى بذلك أبداً، حينها قال لي: إنك ضد الحرب، وكان عليك أن تقودها لأنك في موقع الرئاسة([2])".
أما عن المبرر الذي دعا الخميني وإسرائيل لذلك فهو أنهم انتهازيون لا يقيمون للمبادئ وزناً، فالعلاقة مع إسرائيل تخفف عن الخميني درجة العداء الأمريكي وتقدم له قطع غيار السلاح الذي يحتاجه، لأن السلاح الإيراني هو سلاح أمريكي، وأمريكا منعت عن إيران الخميني السلاح، وإسرائيل كانت تنهج في سياستها - التي أرساها بن غوريون - التعاون مع الدول غير العربية المحيطة بها وهي تركيا وإيران وأثيوبيا، لأنها أجسام غير عربية وتتكون من أقليات في المحيط العربي قد يجمعها مع إسرائيل رابط الأقلية في مواجهة الأكثرية، كما أن سياسة إسرائيل هي إقامة وسائل اتصال سرية مع البلدان التي لا تعترف بإسرائيل كخطوة ممهّدة لإقامة علاقات رسمية في المستقبل.
ولما نشبت الحرب أصبحت إيران بحاجة للسلاح، وإسرائيل بحاجة للتخلص من المخزون القديم فتبادل الطرفان المصالح على حساب المسلمين، وحين زادت حاجة الإيرانيين للسلاح وقطع الغيار أيضا، باعتهم إسرائيل ما استولت عليه من سلاح الفلسطينيين في لبنان سنة 1982م بقيمة 100 مليون دولار([3])!!